الإسم : طـه نـظـام رضـا اسـتـيـتـيـه .
الصف : الـعـاشـر ( ب ) .
الديمقراطية
الديمقراطية تفهمُ عادةً علَى أنّها تَعني الديمقراطية الليبرالية و هي شكل من أشكال الحكم السياسي قائمٌ بالإجمال علَى التداول السلمي للسلطة و حكم الأكثريّة و حماية حقوق الأقليّات و الأفراد. و تحت هذا النظام أو درجةٍ من درجاتهِ يعيش في بداية القرن الواحد و العشرين ما يزيد عن نصف سكّان الأرض في أوروبا و الأمريكتين و الهند وأنحاء أخرَى. و يعيش معظمُ الباقي تحت أنظمةٍ تدّعي نَوعاً آخر من الديمقراطيّة (كالصين التي تدعي الديمقراطية الاشتراكية). و يمكن استخدام مصطلح الديمقراطية بمعنى ضيق لوصف نظام الحكم في دولة ديمقراطيةٍ، أو بمعنى أوسع لوصف مجتمع حر. والديمقراطيّة بهذا المعنَى الأوسع هي نظام اجتماعي مميز يؤمن به ويسير عليه المجتمع ككل على شكل أخلاقيات اجتماعية و يشير إلى ثقافةٍ سياسيّة و أخلاقية و قانونية معيّنة تتجلى فيها مفاهيم الديمقراطية الأساسية.
الديمقراطية القديمة :
إن مصطلح الديمقراطية بشكله الإغريقي القديم- تم نحته في أثينا القديمة في القرن الخامس قبل الميلاد والديمقراطية الأثينية عموماً يُنظر إليها على أنها من أولى الأمثلة التي تنطبق عليها المفاهيم المعاصرة للحكم الديمقراطي. كان نصف أو ربع سكان أثينا الذكور فقط لهم حق التصويت، ولكن هذا الحاجز لم يكن حاجزاً قومياً و لا علاقة له بالمكانة الاقتصادية فبغض النظر عن درجة فقرهم كان كل مواطني أثنيا أحرار في التصويت و التحدث في الجمعية العمومية. وكان مواطنو أثينا القديمة يتخذون قراراتهم مباشرة بدلاً من التصويت على إختيار نواب ينوبون عنهم في إتخاذها. وهذا الشكل من الحكم الديمقراطي الذي كان معمولاً به في أثينا القديمة يسمى بالديمقراطية المباشرة أو الديمقراطية النقية. وبمرور الزمن تغير معنى "الديمقراطية" و إرتقى تعريفها الحديث كثيراً منذ القرن الثامن عشر مع ظهور الأنظمة "الديمقراطية" المتعاقبة في العديد من دول العالم.
أولى أشكال الديمقراطية ظهرت في جمهوريات الهند القديمة والتي تواجدت في فترة القرن السادس قبل الميلاد و قبل ميلاد بوذا. وكانت تلك الجمهوريات تعرف بالـ ماها جاناباداس، ومن بين هذه الجمهوريات فايشالي التي كانت تحكم فيما يعرف اليوم ببيهار في الهند والتي تعتبر أول حكومة جمهورية في تاريخ البشرية. وبعد ذلك في عهد الإسكندر الكبير في القرن الرابع قبل الميلاد كتب الإغريق عن دولتي ساباركايي و سامباستايي، اللتين كانت تحكمان فيما يعرف اليوم بباكستان و أفغانستان، " وفقاً للمؤرخين اليونانيين الذين كتبوا عنهما في حينه فإن شكل الحكومة فيهما كان ديمقراطياً و لم يكن ملكياً"
تطوّر القيم الديمقراطية في العصور الوسطى :
معظم الديمقراطيّات القديمة نمت في مُدنٍ صغيرة ذات ديانات محليّة أو ما يسمَّى ب المدينة-الدولة. و هكذا فإِنّ قيام الإِمبراطوريات و الدول الكبرى مثل الإِمبراطورية الفارسيّة و الإِمبراطورية الهلّينية-الرومانيّة والإِمبراطورية الصينية و الإِمبراطورية العربيّة-الإِسلامية و الإِمبراطورية المغولية في العصور الوسطى و في معظم البلاد التي كانت تضمُّ الديمقراطيات الأولى قد قضى علَى هذه الدويلات الديمقراطية بل علَى فُرص قيامها أيضاً. لكنَّ هذا لا يعني أنَّ تطَوّراً بٱتجاهِ الديمقراطية لم يحصل في العصور الوسطى. و لكنّ معظم هذا التطوّر حصل علَى مُستوَى القِيَم و حقوق الأفراد. و قد ساهمت الدياناتُ الكبرَى كالمسيحية و البوذية و الإسلام في تَوطيد قِيَمٍ و ثقافاتٍ ساعدت علَى ازدهار الديمقراطية فيما بعد.
و من هذه القيم:
فكرة شرعيّة الدَولة.
فكرَة المساواة الكاملة بَين القبائِل و الأعراق بشكلٍ عام.
فكرَة المساواة و لو جُزئيّةً بَين الأفراد و لا سيّما بَين الجنسَين و بين الأسياد و العبيد.
أفكار عن المسؤُوليّة و المسَاءَلة و التعاون و الشورَى.
فكرة سيادة القانون و التساوي أمام القانون.
الدفاع عن حقوقٍ عديدة مثل افتراض البراءة و تحريم العقاب الجماعي و حرية التنقل و حقوق الملكية و حق العمل.
الديمقراطيات الحديثة :
لم يكن يوجد في عام 1900 نظام ديمقراطي ليبرالي واحد يضمن حق التصويت وفق المعايير الدولية، ولكن في العام 2000 كانت 120 دولة من دول العالم أو ما يوازي 60% من مجموعها تعد ديمقراطيات ليبرالية. إستنادا على تقارير مؤسسة بيت الحرية [1] وهي مؤسسة أمريكية يزيد عمرها عن 64 عاما، هدفها الذي يعبر عنه الاسم والشعار هو نشر "الحرية" في كل مكان ، كانت هناك 25 دولة في عام 1900 أو ما يعادل 19% منها كانت تطبق "ممارسات ديمقراطية محدودة"، و 16 أو 8% من دول العالم اليوم.
إن تقييم بيت الحرية في هذا المجال لا زال مثاراً للجدل فنيوزلندا مثلاً تطبق المعايير الدولية لحقوق التصويت منذ عام 1893 (رغم وجود بعض الجدل حول قيود معينة مفروضة على حقوق شعب الماوري في التصويت). ويتجاهل بيت الحرية بأن نيوزيلندا لم تكن دولة مستقلة تماماً. كما إن بعض الدول غيّرت أنظمة حكمها بعد عام 2000 كالنيبال مثلاً والتي صارت غير ديمقراطية بعد ان فرضت الحكومة قانون الطواريء عقب الهزائم التي لحقت بها في الحرب الأهلية النيبالية.
موجات الديمقراطية في القرن العشرين :
لم يتخذ توسع الديمقراطية في القرن العشرين شكل الإنتقال البطيء في كل بلد على حدة، بل شكل "موجات ديمقراطية" متعاقبة، صاحب بعضها حروب و ثورات. وفي بعض الدول تم فرض الديمقراطية من قبل قوى عسكرية خارجية. و يرى البعض ذلك تحريراً للشعوب. لقد أنتجت الحرب العالمية الأولى الدول القومية في أوروبا والتي كان معظمها ديمقراطياً بالاسم فقط كمجمهورية فايمار مثلاً. في البداية لم يؤثر ظهور هذه الدول على الديمقراطيات التي كانت موجودة حينها كفرنسا و بريطانيا و بلجيكا و سويسرا التي إحتفظت بأشكال حكوماتها. إلا أن تصاعد مد الفاشية في ألمانيا النازية و إيطاليا ، موسوليني و نظام الجنرالف فرانكو في أسبانيا و نظام أنطونيو دي أوليفيرا سالازار في البرتغال ساهمت كلها في تضييق نطاق الديمقراطية في ثلاثينيات القرن الماضي وأعطت الإنطباع بانه "عصر الحكام الدكتاتوريين" بينما ظلت معظم الدول المستعمرة على حالها.
لقد تسببت الحرب العالمية الثانية بحدوث إنتكاسة شديدة للتوجه الديمقراطي في أوروبا الشرقية. فاحتلال ألمانيا و دمقرطتها الناجحة من قبل قوة الحلفاء العليا خدمت كنموذج للنظرية التي تلت و الخاصة بتغيير النظام، ولكن نصف أوروبا الشرقية أرغم على الدخول في الكتلة السوفيتية غير الديمقراطية. وتبع الحرب إزالة الاستعمار، ومرة أخرى سادت في معظم الدول المستقلة الحديثة دساتير لا تحمل من الديمقراطية سوى التسمية فقط. في العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية إمتلكت معظم الدول الديمقراطية الغربية اقتصاديات السوق الحرة و التي نجم عنها دول الرفاهية وهو ما عكس إجماعاً عاماً بين الناخبين والأحزاب السياسية في تلك الدول أما في الخمسينات و الستينات فقد كان النمو الاقتصادي مرتفعاً في الدول الغربية و الشيوعية على حد سواء، و من ثم تناقص ذلك النمو في الدول الشيوعية. وبحلول عام 1960 كانت الغالبية العظمى من الدول أنظمة ديمقراطية بالاسم فقط، وهكذا فإن غالبية سكان العالم كانت تعيش في دول شهدت إنتخابات معيبة و أشكالاً أخرى من التحايل (وخاصة في الدول الشيوعية).
لقد أسهمت الموجات المتعاقبة من الدمقرطة في تسجيل نقاط إضافية للديمقراطية الليبرالية للعديد من الشعوب. أما الضائقة الاقتصادية في ثمانينات القرن الماضي فقد ساهمت إلى جانب الإمتعاض من قمع الأنظمة الشيوعية في إنهيار الإتحاد السوفيتي وإنهاء الحرب الباردة و دمقرطة و تحرر دول الكتلة السوفيتية السابقة. وأكثر الديمقراطيات الجديدة نجاحاً كانت تلك القريبة جغرافياً و ثقافياً من دول أوروبا الغربية، وهي الآن إما دول أعضاء أو مرشحة للإنتماء إلى الإتحاد الأوروبي.
معظم دول أمريكا الاتينية و جنوب شرق آسيا مثل تايوان و كوريا الجنوبية و بعض الدول العربية و الأفريقية مثل لبنان و السلطة الفلسطينية – فقد تحركت نحو تحقيق المزيد من الديمقراطية الليبرالية خلال عقد التسعينات و عام 2000. إن عدد الأنظمة الديمقراطية الليبرالية الآن أكثر من أي وقت مضى وهو يتزايد منذ مدة دون توقف. ولهذا يتوقع البعض بأن هذا التوجه سيستمر في المستقبل إلى الحد الذي ستصبح فيه الدول الديمقراطية الليبرالية المقياس العالمي لشكل المجتمع البشري. وهذا التنبوء يمثل جوهر نظرية فرانسيس فوكوياما "نهاية التاريخ".